Skip to Content

الفضائل - المعهد الاكلريكي لبطريركية اللاتين

الفضائل

 

مقدمة

سوف ندرس في هذا العام الفضائل الإلهية (الإيمان والرجاء والمحبة)، بالإضافة إلى الفضائل الأدبية (العدالة والقوة والقناعة والفطنة)، بالإضافة إلى فضيلة الديانة.

 

الفضيلة: هي توضيح لعلاقات الإنسان المسيحي مع الله الاله الحي، ومع المسيح الحي.

حياة الانسان بشموليتها ترتكز على العلاقة، لأن الحياة مبنية على العلاقات الإجتماعية، وعالم اليوم هو عالم العلاقات، وهذا العالم يدخل ضمن علاقة الإنسان مع الله. الفضيلة ترتكز على 3 أسس رئيسية هي:

- الله.           - الإنسان.              - العلاقة.

 

عالم اليوم هو عالم وثني يرفض الله، ويرفض النظر إليه ويشك في وجود الله وهذا ما ذكر في (G.S. 7) اذ تقول عالم يشك في وجود الله ولكنه لا يرفض وجوده خلافا للعصور السابقة، فقد اصبح انكار الله والشك بوجوده او رفض الدين ليس عملا فرديا محصورا. ان الوثنية تنمو بشكل واضح في عالمنا بصور مختلفة. رغم كل هذا فحياتنا المسيحية جميلة، والفضائل تعمل على تجميل حياتنا المسيحية اليومية اكثر فاكثر.

 

سوف ندرس الفضائل على النحو التالي:

Ü الفضائل الإلهية بشكل عام.

Ü الفضائل الإلهية بشكل خاص.

Ü مفهوم الفضيلة.

Ü مفهوم عام.

Ü مفهوم الفضيلة في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.

Ü ضرورة الفضيلة.

Ü متطلبات الفضيلة.

Ü التعليم المسيحي للفضيلة.

Ü الواجبات الدينية نحو الفضيلة.

Ü الخطايا ضد الفضيلة.

أمام كل هذا نرى بأن دراستنا ليست علمية بحتة بل حياتية.

علينا التعمق أفضل في هذه الفضائل لأنها تبني حياتنا المسيحية الشخصية، وهذه الفضائل تربي المؤمنين، وبالتالي علينا الخروج من هذا المساق متعمقين بالفضيلة أكثر.

الحياة الأخلاقية المسيحية هي إستمرارية لأنها تتطور إنسانياً وتتطور روحياً وهي تتمتع بالثبات (الجوهر) توجهها نحو الله، وبما أن توجهها نحو الله إذا هذاهو الثبات. في الإيمان يصبح عندنا تطور يومي، وهذه الحياة الأخلاقية هي رائعة وجميلة.

 

الفصل الاول

جمال الحياة المسيحية

 

أولاً: ماهية الحياة الجماعية

رسالة القديس بولس إلى أهل غلاطية 2/20 تتحدث عن ماهية الحياة الجماعية: "لست أنا الحي بل المسيح هو الذي يحيا فيّ".

فيلبي 1/1: "الحياة لي هي المسيح".

قولسي 1/24: "أتم في جسدي ما نقص من آلام المسيح".

والقديس يوحنا الرسول في إنجيله 10/10 يقول: "أتيت لتكون لهم الحياة وتكون أوفر".

         هذه الكلمات تؤكد لنا وجود حياة الهية تعبر عن علاقة حب وكمال (حياة إلهية) لأن السير في طريق الكمال هي نعمة مقدسة وحياة مشاركة في حياة المسيح بالذات.

 

أنا أشارك المسيح في حياتي وهذه المشاركة لها بعدين:

1- إستيعاب (إقتناء) المسيح. وبالتالي تؤدى إلى تطابق هوية مع المسيح ويصبح المسيح. عندما أقتني المسيح تصبح حياتي جزءاً من حياته. عندما نقول عن الكاهن بأنه مسيح آخر فهذا يعني أن الكاهن يسير في أقتناء المسيح لتصبح حياته جزءاً من حياة المسيح.

رو 8/ 29: "سبق أن قضى بأن يكونوا على مثال صورة ابنه... فالذين سبق أن قضى لهم بذلك دعاهم أيضاً، والذين دعاهم بررهم أيضاً، والذين بررهم مجدهم أيضاً".

         2- الإقتداء بالمسيح. إتباع المسيح الفقير والمتواضع، لكي نشارك المسيح في المجد. هو المسيح المعلم والمثال أي الطريق. "لا أحد يمضى إلى الآب إلا بي" (يو 14/6). بولس الرسول يؤكد اهمية التشبه بالمسيح من خلال الصفح والغفران "اصفحوا بعضكم بعضا كما صفح لكم المسيح (قول 1/33). مت 16/ 24: "من أراد أن يتبعني فليزهد بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني".

        

ثانياً: البعد التقوي للحياة المسيحية

 

فضيلة الديانة هي التى توجه حياتنا ونشاطنا إلى مجد الله، وهذا البعد يغير كل حياتنا. ويقول أحد اللاهوتين علينا أن نكون برشانة حية لتسبيح السيد المسيح. وهناك نشيد التسبيح الذي نشيده يومياً في القداس "بالمسيح ومع المسيح وفي المسيح نرفع إليك...". بهذه العبارة نرى بأن المسيح يمتلكني بكل حياتي. فهذا النشيد هو نشيد الحياة المسيحية.

 

ثالثاً: الدعوة إلى القداسة

إن الله يدعوني إلى طريق القداسة، "كما أن الذي دعاكم قدوس كونوا أنتم قديسين" (1بط 1/15-16). "كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل" (مت 5/48).

بمقدار ما أنت مدعو إلى التشبه بالمسيح، بمقدار سيرك نحو التشبه بابن الإنسان.في الفصل الخامس من الدستور عن الكنيسة تؤكد على الدعوة العامة المسيحية للقداسة (الكنيسة في عالم اليوم 32)

 

رابعاً: قداسة يومية متنامية

تعاسة الإنسان تكمن في عدم كونه قديس (( Boll)، القداسة تتم في الحياة اليومية لا  من خلال تحقيق الامور العظيمة. السير في طريق الحياة اليومية يتطلب جهداً كبيراً وهذه هي طريق القداسة اليومية، عندما نغير ذواتنا نغير كل من يعيش حولنا.

 تنمو الحياة الإلهية فينا من خلال الأعمال البسيطة المتكررة ذات المعنى والحماسة والحيوية (لا تصبح حياتنا اليومية روتين).

 

بدأنا نفقد الحياة الجميلة بسبب كل ما يدور حولنا من صعوبات وضغوطات وآلام وبالتالي نحن مدعوون للسير في حياة القداسة، فالأعمال الصغيرة اليومية هو طريق من طرق القداسة، لذلك يجب أن نقوم بالأعمال بصورة هادفة وفعالة وتقودك خطوة بعد خطوة لمجد الله.

         حياتنا الأخلاقية لا تعتمد على مواقف محددة، فالاعمال التي نسقط بها علينا أن ننهض بعدها بقوة لنسير نحو الكمال، وعندما تصبح الأنا مركز حياة الشخص ويبدأ بالبحث عن مجده وراحته فإن التعاسة سوف تسيطر عليه.

رابعا: تنوير داخلي

هذه الحياة الإلهية هي واضحة علنياً للإنسان المسيحي وضمنياً لكل من لا يعرف المسيح. ولكنهم يعيشون على مثال المسيح من خلال قيم ديانتهم والإلهام الداخلي.

 

كثيرون من المسيحيين يخلصون بإيمانهم القويم، فقد قال القديس بولس في رسالته إلى تلميذه طيموتاوس: "لنحيا حياة سالمة مطمئنة بكل تقوى ورصانة... فإنه يريد أن يخلص جميع الناس" (1طيمو 2/2). وكذلك بالنسبة لغير المسيحيين فإنهم يخلصون من خلال الشريعة، وهذا ما قاله القديس بولس في رسالته إلى أهل رومة "فلذلك لن يبرر عنده أحد من البشر إذا عمل بحسب الشريعة، فما الشريعة إلا سبيل إلى معرفة الخطيئة" (رو 3/20).

 

خامسا: تتغذى حياة المسيحي من:

تتطور الحياة المسيحية من خلال الصلاة الليتورجية، فالمعمودية هي أن يحيا الإنسان موت وقيامة السيد المسيح، وبالقربان الأقدس يتغدى من هذه الحياة الإلهية، وبالغفران يطهر نفوسنا، ولغير المسيحيين تظهر وتتطور حياتهم من خلال الصلاة والأعمال الصالحة.

 

سادسا: تتغذى حياة غير المسيحي من:

         من خلال الصلاة والاعمال الصالحة وكل القيم الصالحة في ديانتهز

 

هذه الحياة الإلهية تفقد بالخطيئة سواء للمسيحي أو لغير المسيحي. في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية رقم 1811 يقول: "ليس من السهل على الإنسان الذي جرحته الخطيئة أن يحتفظ بالإتزان الأخلاقي. وعطية الخلاص بالمسيح تمنحنا النعمة الضرورية للثبات في السعي إلى الفضائل. على كل واحدٍ أن يلتمس دائماً نعمة النور والقوة هذه، وأن يلجأ إلى الأسرار، ويتعاون مع الروح القدس، وأن يلبّي دعواته إلى حب الخير والإحتراز من الشر".

 

الفصل الثاني

الفضائل الإلهية بشكل عام

 

القديس بولس يتحدث عن الحياة المسيحية البشرية ويصفها بالمثلث (الإيمان والرجاء والمحبة) وأعظمها المحبة. هذه الحياة تتحقق من خلال الفضاءل الثلاث (ا كور 13:13). هذه الفضائل الثلاث تكون جسدا واحدا وأساسها الإيمان ام المحبة فيه اعظمها (اكور 13:13)، وهذا ما ذكره القديس بولس في رسالته إلى أهل غلاطية "ففي المسيح يسوع لا قيمة للختان ولا للقلف، وإنما القيمة للإيمان العامل بالمحبة" (غلا 5/6).

 

في العهد القديم العناصر الثلاث لدعوة للشعب ترتكز على الفضائل فهم كشعب وكأعضاء:

1- مدعوون إلى الإيمان بالله الذي يكشف ذاته لهم.

2- مدعوون إلى الثقة بالله وبمعونته.

3- مدعوون إلى محبة الله بكل قلوبهم.

 

في العهد الجديد تعرض هذه الفضائل الإلهية الثلاثة، كجواب أساسي من الإنسان الى الله هو:

1- المسيح يدعو إلى الإيمان برسالته "حان الوقت واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالبشارة" (مر 1/15). التوبة لا تكفى وإنما التوبة بحاجة إلى الإيمان، فكل معجزات المسيح مبنية على الإيمان، وإن لم يتوفر الإيمان لم تتوفر المعجزة.

2- المسيح يدعو إلى الثقة بوعوده "لا تضطرب قلوبكم، إنكم تؤمنون بالله فآمنوا بي أيضاً" (يو 14/1). لا تحزنوا كمن لا رجاء لهم.

3- مدعوون إلى محبة المسيح "أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك وكل قوتك" (مر 12/ 30).

 

في الكتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية رقم 1813 "الفضائل الإلهية هي في أساس الفعل الأخلاقي المسيحي، وهي تنعشه وتميزه. وهي التي تعطي الفضائل الأخلاقية صورتها وتحييها. ينفح الله بها نفس المؤمنين ليجعلهم قادرين على أن يسلكوا كأبنائه، وأن يستأهلوا الحياة الأبدية. إنها عربون حضور الروح وفعلهِ في قوى الكائن البشري. والفضائل الإلهية ثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة".

 

الفضائل الإلهية تسمو بالإنسان المسيحي، وتدفعه إلى عمل أعمال تعزز الفضائل الأدبية. وحتى تجعل الإنسان قادر على التصرف كإبن لله وكوريث للحياة الابدية، وهي ضمان حضور الروح القدس في الحياة الإنسانية. فالفضيلة تذكر بالروح القدس، وهي تدفع وتدعم كل عمل بشري يقوم به الإنسان.

 

أصل وهدف وغاية الفضائل الإلهية

 

الأصل: هو الله نفسه، وهو منبع الفضائل ويمنحها للإنسان، وهذه الفضائل تمثل تحقيق الوحدة السامية بين الله والإنسان، فالله يعطي الفضائل للإنسان حتى يقيم وحدة بينه وبين الإنسان.

الفضائل تكشف من قبل الله "طوبى لك يا سمعان بن يونا، فليس اللحم والدم كشفا لك هذا، بل أبي الذي في السموات" (مت 16/17).

منبع الفضيلة من الله وهو مانحها، فهو الذي يقوينا بالإيمان، فبقدر إنفتاحنا على الله نكتشفها ونتعامل معها بصورة أسرع وأفضل. "الرجاء لا يخيب صاحبه، لأن محبة الله أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وهب لنا" (رو 5/5).

 

موضوعها (غايتها): الفضائل الإلهية موضوعها الله، فالله يعرف من خلال الإيمان، فالله يوثق به ويُحب من أجل ذاته. علينا أن نتوصل بأن تكون محبتنا لله بالذات، من خلال هذا الإيمان نحن نتوجه إلى الله الذي يكشف ذاته لنا. ومن خلال الرجاء إلى الله الذي يعدنا بالحياة الأبدية والسعادة. من خلال المحبة إلى الله الذي أحبنا هو أولاً.

الاتحاد مع الله  ًهو               Objet materiel.

وهدف التوجه نحو الله هو       Objet formel.

 

الفضائل في علاقة متبادلة والمحبة هي التي تمثل حلقة الوصل. فالإيمان الذي تنقصه المحبة يعتبر ايمانا ناقصا، والرجاء الذي تنقصه المحبة يعتبر رجاءا ناقصا. إن أحببت الله يكون إيمانك كاملا، وإن خفته يصبح إيمانك ناقصا. الفضائل في علاقة متبادلة فيما بينها وتشكل المحبة حلقة الوصل والاساس. فالإنسان الذي ينال الخلاص عنده إيمان مع محبة، الشيطان أيضاً عنده إيمان بالله ولكن إيمانه ناقص لأن إيمانه لا يحتوى على محبة.

الإنسان الخاطىء يخاف من الله لأن إيمانه ناقص، فالمحبة ليست شكل خارجي للفضائل ولكن هي المحرك وغاية الفضائل.

الإيمان هو مهم لأنه يشكل Objet formel quo (كل الفضائل الأخرى تصبح فائقة الطبيعة من خلال الإيمان).

 

بدون إيمان تصبح محبتنا بشرية، فجذور الحياة المسيحية هي الإيمان، المحبة هي الأساس أما الجذور فهي الإيمان. الإنسان يريد في النهاية أن يتحد بالله.

 

ما الفرق بين الفضائل الإلهية والفضائل الأدبية؟

الفضائل الأدبية                                              الفضائل الإلهية

موضوعها الخير البشري والشرف والنبل.                   موضوعها الله

تقدم لنا وسائل لتحقيق هدفها وموضوعها.                 توجهنا الى الله كغاية فائقة للطبيعة

ليس بالضرورة أن تكون مباشرة من الله أو الإيمان.        مفاضة من الله

قادرة أن تصبح فائقة الطبيعة بقوة الفضائل الإلهية.         فائقة الطبيعة

فيها إعتدال.                                                 لا يوجد فيها إعتدال بل نمو وتكامل

 

الحياة المسيحية المبنية على الفضيلة تشمل كل مجالات الحياة المسيحية وتضعها تحت تصرف الروح القدس.وتقودها الى درجات سامية في حياة الوحدة مع الله.

        

قال القديس بولس يا رب نحن نؤمن ولكن زدنا إيماناً وهذا ما عبر عنه القديس توما الأكويني عندما قال بأننا "لا نستطيع أن نكون قد آمنا أكثر مما يجب أن نكون".

 

العهد الجديد يحتوى على ثلاثة أناشيد تتكلم عن الفضائل الإلهية.

الإيمان (روما 10: 4-21)

         غاية الشريعة للمؤمن هو المسيح، فالقديس بولس يغني رسالته إلى أهل رومة بنشيد عن فضيلة الإيمان، إذ يقول: "قد كتب موسى في البر الآتي من أحكام الشريعة: إن الإنسان الذي يتمها يحيا بها. وأما البر الآتي من الإيمان فيقول هذا الكلام: لا تقل في قلبك: من يصعد إلى السماء؟ (أي لينزل المسيح) أو: من ينزل إلى الهاوية؟ (أي ليصعد المسيح من بين الأموات) فماذا يقول إذا؟ إن الكلام بالقرب منك في فمك وفي قلبك، وهذا الكلام هو كلام الإيمان الذي نبشر به....." (رو 10/4- 21). لهذا يجب أن ننادي بالإيمان في شخص يسوع المسيح.

 

الرجاء ( روما 8: 19-30)

         لقد تحدث القديس بولس الرسول عن الرجاء في رسالته إلى أهل رومة أيضاً إذ يقول: "الخليقة تنتظر بفارغ الصبر تجلي أبناء الله. فقد أخضعت للباطل، لا طوعاً منها، بل بسلطان الذي أخضعها، ومع ذلك لم تقطع الرجاء، لأنها هي أيضاً ستحرر من عبودية الفساد لتشارك أبناء الله في حريتهم ومجدهم، فإننا نعلم أن الخليقة..." (رو 8/19 - 30).

 

المحبة ( 1كور 13: 1-13، 8: 31-39)

يتحدث القديس بولس عن المحبة بصورة واضحة في رسالته إلى أهل قورنتس إذ يقول: "لو تكلمت بلغات العالم، ولم تكن لي المحبة، فما أنا إلا نحاس يطن أو صنج يرن. ولو كانت لي موهبة النبوءة وكنت عالماً بجميع الأسرار وبالمعرفة كلها، ولو كان لي الإيمان الكامل فأنقل الجبال، ولم تكن لي المحبة، فما أنا بشيء... فالآن تبقى هذه الأمور الثلاثة: الإيمان والرجاء والمحبة، ولكن أعظمها المحبة". (1 قور 13/1 - 13).

 

الفصل الثالث

الفضائل الإلهية بشكل خاص

 فضيلة الإيمان

1- مفهوم الايمان

هناك تساءل كثيراً ما يطرح علينا، وهو: ما الفرق بين التصديق والإيمان؟

صدق: تصديق شيء من شخص إلى شخص آخر بطريقة مباشرة.

آمن: هي نتيجة شهادة شخص عن شخص آخر أو عن حدث. (المسيح أدى شهادة عن الآب من خلال أعماله وتصرفاته).

 

الإيمان يتطلب عدة نقاط:

1- يتطلب إعطاء موافقة إرادية

موافقة إرادية لشهادة شخص على آخر أو حدث وهذا يتطلب السلطة في الشخص الناقل، فربما تكون هذه السلطة بشرية (مثلاً: دكتور جامعي متخصص في الفيزياء يتحدث عن قانمون فيزيائي، علينا أن نؤمن به لأن عنده سلطة على ذلك). أما إذا كانت السلطة إلهية فعلينا أن نؤمن بها مباشرة. وإذا كان موضوعها فائق الطبيعة فإيماننا لاهوتي.

2- يتطلب الإيمان خضوع إرادي

         خضوع إرادي للشخص الذي يقدم هذا الإيمان.

 

تعريف الإيمان: يتحدث المجمع الفاتيكاني في دستور الوحي الإلهي رقم 5 عن شمولية وكلية الإنسان إذ يقول: "إزاء الله الذي يوحي، يقوم واجب الإنسان بطاعة الإيمان. بهذه الطاعة يسلم الإنسان أمره كله لله، حراً من أي قسر، ويخضع عقله وإرادته لله الذي يوحي. ويصدق الوحي ويتقبل طوعاً ما جاء فيه. إيمان من هذا القبيل يتطلب نعمة من الله تتدارك الإنسان وتعضده، وعوناً داخلياً، صادراً عن الروح القدس..." (الوحي يوجب الإيمان).

 

العقل والإرادة هما مهمان للإيمان، فالكنيسة تطلب منا أن يكون ايماننا واعياً. فإيمان من هذا القبيل يتطلب نعمة الله، وهي التي تقوى الإنسان، فهي عون داخلي يوجه الإنسان ويحرك قلبه، لأن هذا الإيمان هو إيمان إلهي ولاهوتي. وهو ليس خضوع فكري لمجموعة من الحقائق وإنما هو خضوع شخصي يتوجه إلى شخص معروف. وتتم هناك علاقة بين المؤمن والمؤامن به. هذا الإيمان هو عطية من الله ذاته بالإضافة إلى العلاقة الشخصية وهو جواب شخصي على عطية الله هذه. يقدم بولس السادس في رسالته الحبرية الاولى Ecclesiam Suam الديانة المسيحية على انها حوار بين الله والانسان والتزام شخصي.

شدد المجمع الفاتيكاني الثاني على رفضه اهمال الاتجاه العقلاني وقبول الايمان بدون محتوى عقائدي. فالاثنين الايمان والعقل يجب ان يكونا معا. ولقد كان هم الدستور الراعوي ان يحافظ على توازن عميق بين الاثنين.

فكرة المجمع تأخذ خط وسط بين فكرتين غير كاملتين. الفكرة الاولى مبنية على ان الايمان ما هو الا خضوع له من دون أي عمق لاهوتي. اما الفكرة الثانية فمبنية على ان الايمان ما هو الا رضى وقبول للحقائق. لنتذكر بأن التركيز كان على الطابع الشخصي والحي للايمان: أي جواب من الانسان البشري الى الله الحي. وهذا الجواب يلزم الانسان بكامله التزاما كاملا.

في انجيل القديس يوحنا الفصل التاسع، يروي لنا قصة الاعمى منذ مولده، ويركز الحوار بين يسوع والاعمى بعد الشفاء على ان الموضوع ليس عقائد وانما التزام بشخص يسوع المسيح. فهنا نجد دعوة ونجد جواب على هذه الدعوة. هنا نحن شاهدين على لقاء شخصي في قلب الايمان الحي. والمبادرة لا يمكن، تأتي الا من الله ففي انجيل يوحنا "لا أحد يأتي الي الا اذا اجتذبه ابي" (يو 14: 6). والقديس توما يؤكد بان الله هو المسبب للايمان لدى المؤمن، فهو الذي يوجه ارادته، وينير عقله. اما الانسان فانه يلتقط اليد التي تمتد له ويعي انه لا يرمي نفسه في فراغ وانما في ايدي مستعدة لضمه.

 

الرسالة إلى العبرانيين(عبرانيين 11: 1) تتحدث عن الإيمان بقوله "الإيمان هو ضمان الخيرات المرجوة". وفي نفس الرسالة الفصل الحادي عشر يذكر القديس بولس بأن الإيمان هو قوام الأمور التي ترجى وبرهان الحقائق التي لا ترى وبفضله شهد للآخرين. فالفصل بأكمله يجعلنا متأكدين من موضوع الإيمان التي هيالسعادة الأبدية التى هي حاضرة في العالم وحصلنا على هذا العالم. فيصبح عندنا إقتناع في الحقائق التى تقود إلى الحقائق غير المرئية.

        

كل الأشخاص ركزوا على كلمة الله، فقد اقتنعوا لأنها في البداية لم تكن حقائق مرئية أما فيما بعد أصبحت حقائ

» زيارات المقال : 958
» تــاريخ المقال : 25/1/2010
» موقع سلطانة الحبل بلا دنس - www.peregabriel.com - عنوان المقال : الفضائل - المعهد الاكلريكي لبطريركية اللاتين



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +