Skip to Content

بستان الرهبان: أباء الرهبنة: 3 - الانبا باخوميوس أب الشركة

 

3 - الانبا باخوميوس

أب الشركة

 

قصة اعتناقه المسيحية ورهبنته :

       كان والده من الصعيد الاعلى عابدا للاصنام . ففى ذات يم تجند باخوميوس ضمن جنود الملك . فحدث بينما كانوا مسافرين وهم بحال سيئة للغاية ان اتاهم قوم مسيحيون من اسنا بطعام وشراب فى المعسكر . فسأل باخوميوس : كيف امكن لهؤلاء الناس ان يتحننوا علينا وهم لا يعرفوننا قط ؟ فقيل له انهم مسيحيون وانهم يفعلون ذلك ممن اجل اله السماء .

       فلما سمع باخوميوس هذا الكلام قرر فى نفسه انه لو اتيحت له فرصة يصير مسيحيا  ويخدم المحتاجين ، وبتدبير الله غلب الملك اعداءه واصدر اوامر بتسريح الجنود . فرجع باخوميوس وتعمد .

       وبعد ثلاث سنين ترهب عند قديس اسمه بلامون .

اقامته نظام الشركة :

       وشرع لوقته فى اقامة شركة حتى يساعدوا بعضهم بعضا ويقوموا باعالة المهتاجين والضعفاء ، فاجتمع اليه كثيرون وبنوا اديرة واتخذوا لهم عيشة مشتركة . وكان القديس يرسل لهم قانون العبادة وشغل اليد والتصريف اللائق ويديرهم فى الجلوس والقيام والسكوت والكلام ويتشدد فى ذلك الى ابعد حد .

       ولقد كان لخدمته العسكرية اثر كبير فى حيانه اذا تدرب فيها على الطاعة والعمل اليدوى والحياه المشتركة ، وقد تضمن تنظيم حياه الشركة وتدبيره للاباء الرهبان جميع هذه النواحى  العملية .

 وفيما يلى تطبيقات عملية لبعض قوانين الرهبنه التى نظمها القديس :

1-   كان مفروضا على طالب الرهبنه ان يعرف معنى الرهبنة :

الرهبنه هى : الصوم بمقدار ، والصلاه بمداومة ، وعفة الجسد وطهارة القلب وسكوت اللسان وحفظ النظر والتعب بقدر الامكان ، والزهد فى كل شيىء.

       وكان يقولر : جميع ابائنا القديسين ، بجوع وعطش وحزن كثير ، اكملوا سعيهم ونالوا المواعيد ، ان كنت قد نذرت لله بكورية بمحبة واشتياق فاطلبه من كل قلبك واسلك حسب وصياه . وحينئذ يجعلك الله ابنا له ، ويباركك ،  ويصير بركتك نهرا ، ونهرك بحرا ، ويجعلك كبركة  نارلا ، وسراجه يضيىء عليك ، وتمتلىء نورا من الاشراق الالهى ، ويعطيك الاله مجدا مثل مجد القديسين ، فتضع ثقلا على اراكنه الظلمة ، وترى قوة الله فى يمينك ، وتغرق فرعون وجنوده فى بحر ملح وتخلص شعب من عبودية الغرباء ، وتورثهم ارض  الخيرات التى تفيض لبنا وعسلا ، التى هى كمال سعيك وخروجك من هذا العالم بسلام . امين .

2- النوم :

       كان القديس باخوميوس يديم الصلاه ينسك زائد وسهر ، واذا اراد ان يرقد ، لم يكن يرقد ممتدا ، ولا على مصطبة بل كان يجلس مستندا الى الحائط . وكان اذا مضى الى موضع خارج الدير مع الاخوة  واضطروا الى المبيت كان يأمرهم ( يفرض عليهم ) ان يحفر كل واحد منهم لنفسه حفرة فى الارض مثل مراقدهم فى الدير قائلا لهم :

       انه من الواجب على الانسان الراهب ان يتعب نفسه فى مرقده لكون روح الزنى  يقفز على الرجل ليجربه بشده لاسيما اذا رقد منفرشا ممتدا براحة .

3-   العمل اليدوى :

        وهذا ما كانت راهب او رئيس رهبنه ليعفى منه . وعليه فلقد كان انبا باخوميوس يشاطر رهبانه اعمالهم اليدوية . يخرج معهم الى الحقول لمزاولة الزرع والحصاد ويحمل مؤونته بنفسه اسوة بهم .

       وقيل انه مضى دفعة ، وفى امر مع الاخوة وكان ذلك الامر يحتاج الى ان يحمل كل واحد منهم كمية من الخبز . فقال له احد الشبان : حاشاك  ان تحمل شيئا ياأبانا . هوذا انا قد حملت كفافى وكفاك . فاجابه القديس : هذا لا يكون ابدا . ان كان قد كتب من اجل الرب انه يليق به ان يتشبه باخوته فى كل شيىء ، فكيف اميز نفسى انا الحقير عن اخوتى حتى لا احمل حملى مثلهم . وهذا هو السبب فى ان الاديرة الاخرى كائنة بانحلال  لان صغارهم  مستعبدون لكبارهم وليس من اللائق ان يكون هذا لانه مكتوب : من يريد ان يكون كبيرا فيكم فليكن لكم عبدا .

4- العقاب :

       واذا كان العقاب ضوررة لا بد منها فى حياه الشركة كان يوبخ للهفوات البسيطة .

(أ‌)        توبيخه احد الرهبان عن كلام باطل .

قيل انه فى احد الايام سمع الاب باخوميوس احد الاخوة يخاطب  صبيا قائلا : الان هو اوان العنب .. فانتهره الاب قائلا  : هوذا اجساد الانبياء  الكذبة قد ماتت ولكن الارواح التى كانت تتحارهم تطوف بين الناس تلتمس مسكنا فيهم . وانت الان لماذا اعطيت للشيطان موضعا كى يتكلم من فيك . اما سمعتت الرسول قائلا : كلمة رديئة  لا يجب ان تخرج من افواهكم بل لتخرج  كل كلمة صالحة لبناء الجماعة لكى تعطى السامع نعمة ، الا تعلم ان الكلمة التى ظنها لا تبنى رفيقك بل تهدمه ، ولماذا نطقت بها ؟ الم يكتب (( نفس بنفس )) الا تعلم ان نفسك تؤخذ عوضا عن نفسه . فانى الان اشهد لكم ان كل كلمة بطاله او استهزاء او لعب او مزاد او جهل هذه كلها زنى للنفس . ولكى ابين لكم مقدار غضب الله الذى يكون على ذلك الانسان الذى يتكلم بالكلام البطال  وبكلام الاستهزاء اقول لكم المثل الاتى :

دعا رجل غنى اناسا الى وليمة لكى يأكلوا يوشربوا ويفرحوا وفى الثناء الوليمة قام بعض المتكئين يمزحون  فكسروا الاواتنى الموجودة فى بيت ذلك الغنى .

ترى ماذا عمل الغنى ؟ انه غضب عليهم ووبخهم قائى : ياعديمى الشكر  ، لقد دعوتكم لكى تأكلوا وتشربوا فكيف تمزحون وتكسرون الاوانى ؟ هكذا يعضب الرب على اولئك الذين دعاهم لدعوته قائلا لهم : دعوتكم لكى تتوبوا من خطياكم وتخلصوا ولكنكم هدمتم نفوسكم ونفوس الذين جمعتهم لى ليخلصوا ، بالضحك والكلام الباطل .

(ب‌)   توبيخه لتلميذه تادرس لاستسلامه للراحة الجسدية وشكواه من الم :

       حدث بينما كان الاخوة يقومون بالحصاد  وتادرس يعمل معهم وهو صائم ان شعر بارتفاع حرارة راسه ، ومن بعد انتهاء العمل جلس يستظل ، فمر به الاب باخوميوس  وقال له بوجع قلب : اتستظل ياتادرس  ؟! فقام تادرس بسرعة ، ولما كان المساء تقدم تادرس اليه وقال : يا أبى  انى اشعر بالم فى رأسى بسبب ضربة الشمس . فقال له الاب : يا تادرس ، ان رجلا راهبا يسلك طريق الكمال اذا مكث يعانى مرضا فى جسده عشرين عاما ، وهو متألم يجب الا يشكو لاحد من الناس الا من تلك الامراض التى لا يمكنه ان يخفيها ، وهذه الاخرى  ايضا عليه ان يحتملها على قدر قوته  والا يعطى نفسه راحة الا فة امر يفوق طاقته ، لانه مكتوب ان الروح مستعدة والجسد ضعيف . هل تظن  ان تقطيع الاعضاء والحريق وحده شهادة ؟ لا ! بل ايضا تعب النسك و الضربات التى من الشياطين والامراض ، فمن يحتمل كل ذلك  بشكر فذلك هو الشهيد والا فما الحاجة لان يكتب بوليس الرسو ل: (( انى اموت كل يوم )) فانه لم يكن يموت فى الظاهر كل يوم بل كان يصبر يحتمل ما يأتى عليه وكذلك رجال الله اليوم اذا كانوا فى امراض ويخفونها عن الناس فانهم يعتبرون شهداء ايضا.

جهاده فى الصلاة والسهر :

 لقد قيل دائما عن انبا باخوميوس انه كان يقضى وقتا طويلا فى جهاد الشياطين كمصارع  حقيقى مثلما كان يفعل القديس انطونيوس ، ولما كانت شياطين كثيرة  تأتيه فى الليل فانه طلب من الله ان يخلصه من النوم فى الليل كما فى النهار، حتى يستمر فى الصحو ويتمكن من ان يقهر العدو كما هو مكتوب (1) (( لا ارجع حتى افنيهم )) لان الايمان بالرب يفنى قوتهم ، فاعطى الله له هذه النعمة كما طلبها الى فترة (2) ولما كان الانبا باخوميوس طاهرا فانه كان يرى الله غير المنظور كما فى مرأة .

اتضاعه  العجيب :

  بينما كان الانبا باخوميوس يعمل مع رهبانه بفرح وغبطة روحية قام انبا اثناسيوس الرسولى بزيارة رعوية . ولما دنا من منطقة دندرة  سمع اصوات ترانيم وتسابيح الرهبان اللذين يسكنون تلك الناحية ، الذين خرجوا من ادريتهم لاستقباله متهللين ، وطلب مه سرابيون اسقف دندره ان يرسم باخوميوس كاهنا لان سرابيون حاول عبثا ان يضع اليد عليه ، وحين سمع باخوميوس ذلك الكلام اختفى عن الأنظار لانه من فرط اتضاعه كان يعتقد انه احط من ان ينال هذه الدرجة الكهنوتية السامية . فجمع الباب اثناسيوس رهبان انبا باخوميوس  وقال لهم : سلموا لى على ابيكم وقولوا له بلسانى لقد هربت من المجد الباطل  الذى كثيرا ما يثير الحسد فى النفوس . فلمنحك الله سول قلبك ، وانك مع هربك من المجد الفانى سعيت وراء المجد الباقى  لذلك اعدك  باننى لن اضع اليد عليك قسرا . وأمل  ان اتيح لى المرور من هذا الطريق مرة اخرى ان افرح بلقياك . ولما شعر انبا باخوميوس بانصراف الباب السكندرى خرج من مكمنه أمنا مطمئنا .

  جاء ضمن سيرة الاب باخوميوس ، انه فى بعض الاوقات بينما كان باخوميوس مع  الاب بلامون ، وافاهما راهب قد استولت عليه الخبلاء والاعتداد بالذات واذا كان الوقت شتاء فقد كانت فدامهما نار تشتعل ، فلما راها الاخ الضعيف داخله السبح الباطل وقال لهما (( من منكما له ايمان صادق بالله ، فليقف على هذا الجمر ويقول الصلاه التى عليها السيد لتلاميذه )) . فلما سمع الشبح قوله هذا زحره قائلا : ( ملعون  هو ذلك الشيطان النحس )) . فلم يحفل ذلك الاخ يقول الشيخح ولكنه قال (( انا )) ثم نهض قائما ووقف على ذلك الجمر المتقد كثيرا وقال الصلاه الانجيلية مهلا، مهلا  ثم خرج من النار ولم تضره بشيى ء ومضى الى مسكنه بكبرياء قلب .

  فقال باخوميوس للشيخ : (( يعلم الرب ، انى عدجبت من ذلك الاخ ، الذى وقف على هذا الجمر  ولم تحترق قدماه )) .

 فقال له الشيخ : (( لا تعجب يا البنى من هذا ، لانه بلا شك من فعل الشيان ، ولاجل انه لم يذلل قلبه ، تسامح الله فى ان لا تحترق قدماه  ، كالمكتوب ان الله يرسل لذوى الاعوجاج  طرقا معوجة (1) ولو علمت يابنى  ما ينتهى اليه امره ، لكنت تبكى على شقاوته )).

  وبعد ايام قليلة ، لما رأة الشسيطان ان جاتنح لخداعه ، تشكل بصورة امراة جميلة جدا ، متزينة بثياب فاخرة  ، فجاءت اليه ، وقرعت بابه، ففتح لها لوقته ، حينئذ اسفرت عن وجهها وقالت له : (( اعلم ايها الاب الخير ان على دينا لاقوام مقتدرين ، وهم يطالبوننى ، وليس لى ما اورفيهم ، واخشى ان يقبضوا على ، وياخذونى عبده لهم ، لانهم مسافرون ، فاعمل جميلا ، واونى عندك يوما واحدا او يومين حتى يمضوا فيكون لك من الله جزيل الاجر ، ومنى انا المسكينة صالح الذكر )). فاما هو فلا نغلاق قلبه ، لم يحس البلاء الذى دبر له ، داخل قلايته ، حينئذ لعبت عليه افكاره ، فعول على معاشرتها ، ومد يده نحوها ليتم الفعل النجس فاوقته باغته الشيطان وصرعه على الارض  ، فضصاع عقله وبقى مسبخا كالميت نهارا وليلا ، ثم عاوده رشده فقام ، وجاء الى الشيخ بلامون وهو بالك ، فطرح ذاته بين يديه قائلا (( انا هو السبب فى هلاكى ، وعلة مماتى  ، لانى لم اصغ الى كلامك ، ولذلك حل بى ما حل )) . وشرح ما حدث له ، ثم طلب صلاه ، فلما قاما ليصلى عليه باغته الروح النجس ، وطقر به طقره منكره ومضى مستكبرا مسافة بعيدة ، حتى وصل مدينة تدعى بانوس ، وبقى فيها ضائع  العقل وقتا ، واخيرا زج بنفسه فى تنور متقد ،ـ حيث احترق وهلك (1).

  حدث ان تقدم بعض الرهبان الى انبا باخوميوس يسألونه: (( قل لنا يا ابانا ما الذى يمكننا ان نعمله لنحظى بالقدرة على اجراء الايات والعجائب ؟)).

اجابهم بابتسامة : (( ان شئتم ان تسعوا سعيا روحيا ساميا فلا تطلبوا هذه المقدرة لانها مشوبة بشيى من الزهو ، بل اسعوا  بالحرى لتظفروا بالقوة التى تمكنكم من اجراء العجائب الروحية . فان رايتم عابد وثن وانرتم امامه السبيل الذى يقوده الى معرفة الله فقد احييتم ميتا ، واذا رددتم احد المبتدعين فى الدين الى الايمان الارثوذكسى  فتحتم اعين العميان ، واذا جعلتم من البخيل كريما شفيتم يدا مشلولة ، واذا حولتم الكسول نشيطا  منحتم اشفاء لمقعد مفلوج ، واذا حولتم الغضوب وديعا اخرجتم شيطانا ، فهل هناك شيىء يمع الانسان ان يناله اعظم من هذا)).

 ولما سمع بسيرة الاب باخوميوس قوم من رهبان هراطقة ارسلوا اليه جماعة لايسين شعرا وقالوا للاخوة ان كبيرنا مقودونيوس قد ارسلنا الى ابيكم قائلا : (( ان كنت رجل الله حقا ، وما سمعناه عنك صحيحا ، فتعال لنعبر انا وانت النهر سائرين بارجلنا على سطح الماء ، فيعرف كل واحد عمليا من منا له دالة ووجاهة عند الله )) . فعرف الاخوب الاب بذلك ، فانكر عليهم ذلك قائلا :

       (( لماذا استجرتم سماع هذا الكلام بالجملة ؟ اما علمتم ان هذه المسائل بعيدة عن الله ، ولا تقبلها سيرتنا ؟ لانه اى ناموس يأمر بهذا ويبعثنا على القيام به ؟ )) .

       فقال الاخوة : (( ايتجاسر هراطيقى بعيد عن الله ان يستدعيك لمثل هذا ؟)).

       فاجابهم : (( قد يمكن للهراطيقى ان بعر على ظهر النهر كعبوره على ارض يابسه بمظافرة الشيطان اياه ، وبسماح من الله حتى لا ينفك كفره )) . فامضوا وقولوا لهم : هكذا قال عبد الله باخوميوس ان حرصى انا ، هو هذا : ليس لكى اعبر هذا النهر ماشيا ، بل كيف اعبر دينونة الله الرهيبة ، وان اعبر ايضا هذه الاعمال الشيطانية بقوة الرب )).

       ولما قال هذا الكلام اقتنع الاخهوة بالا يفتخروا باعمالهم ، ولا يشتهوا اجتراح الايات ، ولا يجربوا الله البتة حسبما كتبت : (( لا تجرب الرب الهك ) ).

افرازه :

       ذكر بعض الاباء ، انه كان اخ من الاخوة يتنسك كثيرا ليس من اجل الله فلما رآه ابونا القديس باخوميوس وعلم امره ، وقال له على انفارد : تعلم يا أخى ان الرب يقول انى نزلت من السماء ليس لاعمل مشيئتى لكن مشيئة الاب الذى ارسلنى . فاسمع منى ما اريد ان اقوله لك لانى ارى ان الشيطان قد حسدك ويريد ان يهلك تعبك فاذا علمت ان الاخوة يريدون ان يأكلوا اذهب معهم  وكل قليلا دون شبعك لاجل تدبير الجسد ، وهذا الشيىء ما يمنعك عن عبادة الله . واذا فرغت صلاه الاخوة  ايضا لا تصل وحدك كثيرا حتى تغلب الشيطان  وتهلك شيطان العجب والافتخار  لانه قد اشتملك .

    فلما سمع هذا الكلام قبله من ذلك الوقت فقط ، ثم انه رجع الى ضلالته قائلا فى نفسه : ان كنت لا تصوم ولا تصلى  ولا تتنسك فانا اباشر هذه الاعمال التى تخلصنى .. ثم بدا يصلى ايضا ، فلما سمع القديس بذلك ، دعا تلميذه تادرس وقال له : انى حزين كثيرا من اجل فلان . امض فانظر اى شيىء يعمل . فلما ذهب اليه وجده يصلى بدوام فرجع الى عند الشيخ واخبره بذلك فقال له القديس : ارجع اليه وامنعه من الصلاه ، واذا منعته حينئذ  يتبين لك الشيطان الذى استولى عليه . واذا رأيت ذلك امسكه انت الى ان اجيىء انا . فانطلق تادرس وصنع كذلك ، فلما منعه من الصلاه صرخ على تادرس قائلا: يامنافق انت تمنعنى ان لا اصلى . ثم تناول عودا عظيما وقصد ان يضرب به تادرس  على راسه فانتهره باسم الربي وللحين ترك العود ، وقال لتادرس ذلك المجنون : اتريد ان تعلم ان الذين يصلون بلده من فعلنا يضلون . فغسمع ذلك وبدأ المريض يصلى تسبحة موسى الاولى ، فلما سمع ذلك تادرس تعجب وفزع قائلا : كم من اليقطة والانتباه تلزم الانسان حتى يتخلص من تجارب الشيطان ??. وان ابونا باخوميوس اتى واخذ الاخ  المطغى الى الكنيسة وجمع الاخوة  وامرهم ان يصلوا معه ويطلبوا من الله ان يرجع ذلك الاخ . وان الله الرحيم شفاه وخلصه من الشيطان النجس وعاد الاخ فيما بعد بكل طاعة واجتهاد واتضاع خاضعا للقديس ، مطيعا اوامره الحسنة ، بركة صلاته تكون معنا .

   فى بعض الاحيان ظهر الشيطان للاب باخوميوس فى صورة السيد المسيح يتجلى ، وقال له : ( افرح ياباخوميوس لانى جيئت لافتقادك ) ففكر فى نفسه قائلا : ( من شأن المناظر الالهية انها من لذة بهجتها  وحلاوة نعيمها تسبى خيال مستحقيها اليها ولا يبقى لهم فكر اخر ، ولكن افكارى الان تروى فنونا والوانا ) .

 فلما وجده الشيطان مفكرا فى هذا ، ابعد عنه الافكار ، فقال الاب فى نفسه : (( انى كنت افكر افكارا والان فلا وجود لها )) . واذا قال ذلك فى نفسه قام الى الشيطان وهو باسط يده كمن يريد ان يمسكه وفى الحال صار كدخان وتلاشى .

رعايته :

       ومما يؤثر عن العناية البالغة التى كان يبديها ابو الشركة برهبانه انه كان يجلس كل مساء معهم بعد صلاة الغروب ليستمع الى اسئلتهم ويجيب عنها .

نياحته :

       فى سنة 348 م تفشى فى مصر وباء الطاعون وبلغ اديرة الصحارى . فكان الانبا باخوميوس فى هذا الظرف يطوف بين المصابين بهذا الداء . وبيما كان ابو الشركة يحضر شعائر القداس الالهى ليلة عيد الصعود (1) المجيد احس بعوارض  ذلك المر الخبيث  فى جسمه . وبعد انتهاء الخدمة  دعا تلاميذه واخذ يوصيهم بالمحافظة على قوانين الشركة الروحية والعمل بها  . وما ان فرغ من وصيته لهم حتى اسلم روحه الطاهرة .

 

 

مصدر المقال : موقع الكتاب المقدس و القطمارس



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +